بمشاركة السيد نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كوردستان، جرت مساء اليوم الجمعة، 6 تشرين الثاني 2020، مراسم استقبال جثمان المرحوم د. نجم الدين كريم، الشخصية والسياسي الكوردستاني ومحافظ كركوك السابق، من قبل رئاسة إقليم كوردستان، وذلك في مطار أربيل الدولي.
وشارك في مراسم استقبال الجثمان إلى جانب عائلة وأقارب وأصدقاء المرحوم، السادة نائب رئيس وزراء إقليم كوردستان، ممثل الرئيس بارزاني، وزير خارجية العراق، وعدد مشهود من السادة الوزراء وممثلي القوى والأطراف السياسية والمسؤولين الحكوميين والحزبيين. وبعد وضع إكليل من الزهور على جثمان المرحوم، ألقى الرئيس نيجيرفان بارزاني كلمة تحدث خلالها عن حياة ونضال ودور ومكانة د. نجم الدين كريم، هذا نصها:
عائلة المرحوم د. نجم الدين كريم الفاضلة
أيها الحضور الكرام
أيها الأحبة الكوردستانيون
نجتمع اليوم هنا جميعاً بحزن، ولكن بفخر واعتزاز، في استقبال جثمان الشخصية القديرة والمناضل الكوردستاني، د. نجم الدين كريم. عاش د. نجم الدين كريم عزيزاً، وبإمكان كل واحد منا أن يستذكره بفخر، واليوم نحن هنا جميعاً نستقبل بفخر وعزة جثمانه الطاهر.
كان د. نجم الدين كريم رجلاً شجاعاً مقداماً. كانت في دمه شجاعة كركوكية وكرميانية، وشجاعته هذه جعلته يضيف إلى تاريخه النضالي وسيرته العملية والحياتية العديد من المواقف الجريئة. قبل أن يكمل د. نجم الدين كريم دراسة الطب في العراق، انضم إلى اتحاد طلبة كوردستان، وبعد إكماله الدراسة التحق كطبيب وبدون تردد بثورة أيلول وأصبح واحداً من البيشمركة. وتمكن خلال فترة قصيرة أن ينال ثقة قائد الثورة ملا مصطفى بارزاني. ثم بعد انتكاسة ثورة أيلول، كان مطلعاً ومشاركاً في جزء من الاستعدادات لمواصلة الثورة وإشعال فتيل ثورة كولان. وعندما مرض البارزاني الخالد، رافقه د. نجم الدين كريم بصفته طبيباً إلى أمريكا.
خلال فترة إقامته في أميركا، أكمل د. نجم الدين كريم الدراسات العليا في مجال اختصاصه وأصبح واحداً من الأطباء المعتمدين والموثوقين في عموم أمريكا، وذا مكانة أكاديمية مرموقة. استخدم الدكتور نجاحه في مجال الطب لكسب الأصدقاء من أجل حل القضية الكوردية، وكان يكافح من أجل تحشيد أكبر دعم ممكن للحقوق المشروعة لشعب كوردستان. وفعلاً، كسب خلال فترة إقامته في أمريكا الكثير من الأصدقاء للكورد وكان دائماً يسهل وصول وفود الأحزاب الكوردستانية إلى أمريكا للقاء المسؤولين الأمريكيين والحوار معهم. بهذه الصورة، لم ينقطع طوال فترة إقامته في أمريكا عن الكفاح في سبيل كوردستان، وبفضل عمله من أجل كوردستان أنشأ صداقات وعلاقات مع الأحزاب والأطراف في أجزاء كوردستان الأخرى.
أيها السادة…
في سنة 2009، عاد د. نجم الدين كريم إلى كوردستان وأصبح عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني، وكان في الواقع واحداً من الذين كان يثق فيهم المرحوم مام جلال، وقدم د. نجم الدين كريم كل ما في وسعه للمرحوم الرئيس مام جلال.
كان د. نجم الدين كريم يعشق كركوك، وكانت كركوك كما كان يقول بمثابة القلب منه، ولهذا عندما أصبح محافظاً لكركوك في نيسان 2011، عمل بعشق وبكل إخلاص وتفان من أجل كركوك، ولم يكن يكلّ أو يملّ من العمل من أجل كركوك والكركوكيين. فلو نظرنا إلى تلك الفترة التي كان فيها د. نجم الدين محافظاً نجد أن كركوك شهدت أعظم انتعاش في أيامه. حيث تم بناء نحو 600 مدرسة، ولم تبق في كركوك مدرسة ذات ثلاث وجبات دوام في اليوم. كما تم إنشاء أكثر من ثلاثين مركزاً صحياً. وتم تبليط 70% من شوارع أحياء كركوك، وتم تحديث مستشفى (آزادي) العام بصورة جيدة جداً، كما تم بناء مستشفى كبير حديث في الحويجة، وتم مد المسار الثاني لطريق السليمانية – كركوك – بغداد، وكذلك طريق كركوك – أربيل، وشيد سد (خاصة جاي)، وفي المجمل نفذ في كل سنة نحو 400 مشروع في كركوك.
كان د. نجم الدين كريم يسعى لخدمة الكركوكيين بكل انتماءاتهم القومية والمكوناتية، لكنه في نفس الوقت كان يعي أن كركوك هي قضية كوردستان المركزية في العراق، ولهذا سعى بكل إخلاص مع الرئيس مسعود بارزاني والرئيس مام جلال من أجل حل مشاكلها.
في كثير من المشاريع التي نفذت في كركوك بمساعدتنا نحن في حكومة إقليم كوردستان، كان يأتي ويحدثنا بمنتهى الإخلاص ويصر دائماً على أنه يجب أن يتلقى المساعدة لكي تنفذ المشاريع في كركوك بصورة جيدة. كان يسعى بغاية الإخلاص من أجل حل مشاكل كركوك، وكان يعلم أن المشكلة الرئيسة بين حكومة العراق وحكومة إقليم كوردستان هي مسألة كركوك التي هي الجوهر الأساس للخلافات، لكن المؤسف أنه وبسبب عدم التزام الأطراف العراقية بالمادة 140 من دستور العراق، مازالت هذه المشكلة عالقة، وقد ألحق ذلك ويلحق ضرراً كبيراً بكل العراق.
وهنا وأمام جثمان د. نجم الدين كريم، نؤكد من جديد أن مشكلة كركوك والمناطق المتنازع عليها يجب أن تحل بطريقة سلمية ومن خلال الحوار وعلى أساس الدستور العراقي، وكلما تم تأخير حل هذه المشكلة زادت تعقيداتها. لهذا نجدد الدعوة إلى الجلوس معاً والاجتماع لحل هذه المشاكل في إطار الدستور العراقي.
أيها السادة…
لقد رحل عنا د. نجم الدين كريم بعد عمر حافل بالعمل والنضال. واليوم أجدد التعبير عن تعاطفي أنا ورئاسة إقليم كوردستان مع عائلته وأقاربه، ومع الأحبة أهالي مدينة كركوك وكل شعب كوردستان. حيث سيوارى جثمانه اليوم موقتاً في أربيل حسبما أوصى هو بذلك. نرجو أن تتحقق قريباً رغبة د. نجم الدين كريم الذي أوصى بأن يعاد جثمانه إلى مدينة كركوك بصورة دائمية. نأمل أن تتسنى قريباً ظروف نستطيع في ظلها إعادة جثمان د. نجم الدين كريم إلى كركوك.
أكرر تقديم التعازي إلى ذوي د. نجم الدين، وأعزي السيدة سوزان وأولاده، نشاركهم الأحزان وآمل أن يكون هذا آخر أحزانهم.
أهلاً بكم جميعاً، شكراً جزيلاً.