نيجيرفان بارزاني: بذل د. كمال مظهر جهوداً كبيرة لبيان حقائق تاريخ الكورد وكوردستان

 شارك السيد نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، صباح اليوم الأربعاء 24 آذار 2021، في مراسم استقبال جثمان المرحوم د. كمال مظهر في أربيل، والتي نظمتها الأكاديمية الكوردية.

وخلال المراسم التي حضرها السادة ممثلو رئيس الوزراء ورئيس جمهورية العراق الاتحادية، وزير الثقافة في حكومة إقليم كوردستان، زوجة وعائلة المرحوم د. كمال مظهر وعدد من الكتاب والمثقفين، وإلى جانب وضع إكليل من الزهور على جثمان المرحوم، ألقى فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني كلمة عن أعمال ونتاجات د. كمال مظهر، هذا نصها:

صباح الخير…

ممثل دولة رئیس وزراء العراق الاتحادي معالي عثمان الغانمي وزير الداخلية

السيد ممثل رئيس الجمهورية

الحضور الكرام

الكتاب والمثقفون الأعزاء

السيدة شهلاء طاهر الحيدري زوجة البروفسور د. كمال مظهر

عائلته الكريمة وأهله الكرام

أرحب بكم جميعاً في مراسم استقبال جثمان د. كمال مظهر، المؤرخ الكبير الذي ألّف الكثير من الأبحاث الهامة والقيمة عن تاريخ الشعب الكوردي والمنطقة، لهذا كان من حقه أن يحظى بتقديرنا اثناء حياته، وفي الحاضر والمستقبل. أشكركم لمشاركتكم اليوم جميعاً هنا.

ولد الدكتور كمال مظهر في كركوك. وليس سهلاً أن تكون كركوكياً، لأنه كون المرء كركوكياً طيلة عشرات السنين الماضية كان يعني لكورد كركوك، مع الأسف، حياة صعبة وقاسية وعدم الشعور بالاطمئنان ومواجهة مستمرة لعدم الاعتراف بوجودك وحقوقك علی أرض أجدادك وديارك الأصلية. لقد بين د. كمال مظهر بالبراهين والتوثيق ما حل بمدينته في كتابه ( كركوك وتوابعها).

كان د. كمال مظهر عالماً في مجال تاريخ كوردستان والمنطقة وبذل جهوداً كبيرة وسهر الليالي لاستكشاف حقائق تاريخ الكورد وكوردستان والمنطقة من بطون آلاف الوثائق وربط الأحداث بعضها ببعض وتبيان تاريخ كوردستان.

هذا الإنسان الكادح المنتج الذي نجتمع اليوم هنا تكريماً له، له العشرات من البحوث والكتب عن تاريخ كوردستان، وأشرف على مئات البحوث الأكاديمية في مجال التاريخ، ودرّس الآلاف من الطلبة في الجامعات العراقية.

د. كمال مظهر مؤرخ كان يعمل دائماً على التحقق من العلاقات بين الشعوب والملل، وكان يريد أن يثبت أن الشعوب متصالحة مع بعضها البعض ولا مشاكل بينها، بقدر كون الحكومات وسياساتها الخاطئة هي التي تسبب المشاكل للشعوب.

أراد، كعالم كوردي، أن يبني من خلال التاريخ كمجال علمي، جسراً يربط بين شعوب المنطقة، وأن يتخذ من جذور التعايش والجوار بين هذه الشعوب معياراً لحاجتها لبعضها البعض، وليس الصراعات السياسية التي فرقت بين شعوب المنطقة وكانت تخلق بينها الجفوة والعداوة.

استطاع أن يثبت علم التاريخ في كوردستان والعراق بصورة أكاديمية ونأى بنفسه عن السرد الذي لا أساس له وعن المصادر غير الموثوقة، وأثبت أن التاريخ علم موثوق يوصل إلى حقائق الأحداث، وهذا مكسب كبير للتاريخ، ثم للشعوب والأمم لتنأى بنفسها عن القرارات المسبقة ولا تتخذ من السرد العادي معياراً للحكم على بعضها البعض.

حب د. كمال مظهر للكورد وكوردستان، جعله لا يدخل أبداً في دائرة التغاضي عن أخطاء ومواطن خلل الكورد وقياداتهم، كما أنه لم يتراجع ولو لمرة واحدة عن مواقفه من القضية الكوردية العادلة ولم يقطع علاقاته مع نضال شعبه العادل.

وفي مجال الحركة الاجتماعية، كتب عن المرأة في التاريخ عندما كانت الحركة النسوية في العالم وخاصة كوردستان في بداياتها. فبرؤيته المرأة كمكون اجتماعي مهم، وحديثه عن دورها ومكانتها وأهميتها في المجتمع، كان إلى جانب التصدي لكل توجه رجعي بخصوص المرأة، يمهد لأن يُنظر إلى المرأة في المجتمع الكوردستاني نظرة إجلال.

أيها الحضور الكريم…

تعرض الكورد وشعب كوردستان عموماً لاضطهاد متعدد الأوجه، فإلى جانب تخريب وتدمير كوردستان، تم تشويه تاريخ كوردستان وطمسه. وبينما حمى البيشمركة بروحهم وبحياتهم شعب كوردستان من الإبادة، عانى المثقفون والكتاب والعلماء الكورد الكثير من الصعاب والآلام في سبيل حماية لغة وثقافة الكورد وتوثيق تاريخ كوردستان والتحقيق فيه. لهذا فإن المثقفين والكتاب الکورد الذين خدموا شعبهم ووطنهم بالقلم والكلمة يستحقون تقديراً من نوع خاص.

كان للمثقفين والكتاب الكورد، على مدى تاريخ ثورات كوردستان دور يعادل مؤسسات حكومية ووطنية ضخمة في مجال التوعية والحفاظ على اللغة والثقافة الكورديتين. أنجزوا ذلك بإمكانيات متواضعة جداً. لكنهم فعلوا ذلك لأن إخلاصهم وإيمانهم وقدراتهم كانت عظيمة. بالرغم من كل المعوقات وشحة الموارد، كانت الحركة الثقافية الكوردستانية فعالة دائماً والمكتبة الكوردية عامرة.

بعد العام 2003، كان د. كمال مظهر تواقاً لمواصلة بحوثه في مكان آمن، ولهذا قدمنا له كل الدعم والتسهيلات لجلب أرشيفه ومكتبته الثرية إلى أربيل، لكن المؤسف أن المرض لم يمهله ليكمل كل ما كان يريد ويصبو إليه.

إننا هنا نودع للمرة الأخيرة هذا العالم والمؤرخ الكوردي الكبير الذي تعدّ أعماله ونتاجاته موضع فخر. فبخدمته المشهودة لسنين في الجامعات والمعاهد العراقية، سيظل حياً أبداً كاسم بارز لامع، ولا شك ستنتفع الأجيال القادمة من نتاجاته. وسيظل شعب كوردستان والنخب والمراكز الأكاديمية في العراق بصورة عامة تتباهى به دائماً.

أتقدم بالشكر الجزيل للأكاديمية الكوردية لتنظيمها هذه المراسم. لتسعد روح د. كمال مظهر. وأعزي زوجته السيدة شهلاء طاهر الحيدري وكل أفراد عائلته الكريمة، كما أعزي شعب كوردستان وشعب العراق.

أهلاً بكم مجدداً…

 

Read کد خبر: 1067

احدث الأخبار

الحصول على اتصال معنا

اهم الأخبار

حالت های رنگی