الرئيس نيجيرفان بارزاني: الشعب وجه من خلال الانتخابات رسالة واضحة لأصحاب السلطة

شارك فخامة نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، مساء يوم الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021، في ملتقى معهد بحوث الشرق الأوسط (ميري) الذي يجري في أربيل تحت عنوان “عراق مستقر من أجل شرق أوسط مستقر” والذي يشارك فيه عدد من سفراء وقناصل الدول في العراق وإقليم كوردستان وأكاديميون وسياسيون من داخل إقليم كوردستان.

خلال جلسة الملتقى التي شارك فيها فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني، قال فخامته في معرض إجابته على سؤال حول تقييمه لانتخابات مجلس النواب العراقي الأخيرة: “مسألة الانتخابات العراقية الأخيرة، حسب رأيي، وإذا قورنت بالانتخابات العراقية السابقة، يمكنني القول إنها كانت واحدة من أفضل الانتخابات من الجانب التقني وغياب التزوير، لا شك أن هناك شكاوى، وبالتأكيد هناك من يشكو من العملية ونتائجها، وأعتقد أن من حقهم أخذ آرائهم بنظر الاعتبار، لكن لو أجرينا مقارنة بين هذه الانتخابات والانتخابات العراقية الأخرى منذ العام 2003 وإلى الآن، أعتقد أننا تقدمنا شوطا جيدا جدا. الذي يهم لكل الأطراف السياسية العراقية بصورة عامة، هو أننا إذا نظرنا إلى نسبة المشاركة في الانتخابات، يمكنني القول أن النسبة كانت قليلة في كل العراق بصورة عامة، وتراجع هذه النسبة يمكن أن نعتبره على أنه جرس إنذار، وأن الشعب يريد أكثر بكثير مما ينجز الآن، الشعب يستحق أن يتمتع بحياة أفضل، ورسالة الشعب واضحة وهي أنه يريد تحسين أسلوب الإدارة، تحسين صورة الخدمات، وآمل أن نتخذ نحن، جميع السياسيين العراقيين، من هذا، فرصة للتناغم وتحسين أدائنا من كل النواحي. أشرتم إلى موضوع الديمقراطية، الديمقراطية ليست رزمة أو لنقل هدية جاءت من الخارج، وأن تقدم تلك الهدية للشعب وتقول له تفضل لقد جئناك بالديمقراطية. الديمقراطية عملية مستدامة، الدول التي بلغت اليوم القمة في الديمقراطية، بدأت هكذا. أنا أرى أن العراق لا يزال في فترة انتقالية، هذه الفترة الانتقالية بحاجة إلى أن تحسن، وبخصوص مسألة الديمقراطية فأن الذي يهم هو أن يرى الشعب أنها ماضية في طريق صحيح، فإذا رأى الشعب هذا ستتولد عنده آمال أكثر. مسألة الانتخابات والذهاب إلى صناديق الاقتراع واحدة من معايير الديمقراطية، لكنها ليست كل شيء وأنا أرى في هذا المجال أنه لو أجريت مقارنة وتم النظر إلى ماضي العراق ونظام الحكم الذي كان قائما والنظام الحالي، أعتقد أنە ینبغي علينا أن نكون أكثر تفاؤلا بأن العراق ماض في الطريق الصحيح”.

وعن رسالة الشعب وحفظ التوازن في العراق، بين فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني أن “رسالة الشعب وعدم مشاركته في الانتخابات، ونسبة المشاركة التي كانت بتلك الصورة، كانت رسالة واضحة من الشعب لأصحاب السلطة مفادها أنه غير راض عن نظام الحكم وكان ذلك واضحا، في نفس الوقت لو أنك نظرت إلى الأوضاع السياسية للعراق منذ العام 2003 إلى الآن، فإننا نمر بفترة كما ذكرت بانها فترة انتقالية ولا يمكننا القول إن كل شيء في هذا البلد سيصحح بين ليلة وضحاها، شعب العراق شعب واع وهو جاد جدا في مطالبه، ما حدث في بغداد في المظاهرات كان الجزء الرئيس منه بسبب عدم رضاه عن النظام، وإرادة إحداث تغيير. الشعب العراقي لا يزال إلى الآن يرى أن بإمكان العملية السياسية والديمقراطية في العراق أن تحدث تلك التغييرات من خلال الانتخابات، والخطر يكمن في وصول الشعب مرحلة يرى فيها أن هذا لن يحدث أي تغيير، عندها سيكون للشعب رد فعل كبير. للأسف، لا تزال مسألة المواطنة في العراق لا تراعى كما يجب، المسألة هي في الغالب مصالح للأشخاص والأحزاب ولا يمنح للمواطنة في هذا البلد أي حق، دعك من انتماءاتهم السياسية، الشيء الأكثر أهمية هو أنهم مواطنون في هذا العراق ويستحقون حياة أفضل. نحن سياسيو العراق، وأقصد جميعا ولا نستثني أنفسنا من هذه العملية، علينا جميعا أن نراعي كون الثقة التي حصلنا عليها من خلال صناديق الاقتراع هي أمانة، وأن الشعب هو من منحنا هذه الثقة، ومادام الشعب قد منحنا هذه الثقة وأصبحت هذه الثقة أمانة في أعناقنا الآن، علينا أن نعمل على أدائها بأفضل الصور، ما أجده حتى الآن ومن المؤسف وغير المعقول أن شعب العراق يعاني من مشاكل مع أصغر الخدمات، هذا يأتي بعد 18 سنة وقد نشأ في العراق جيل، تمعن، فالذي ولد في العام 2000 أصبح اليوم من الذين يحق لهم التصويت، هؤلاء لا يعرفون ما جرى في العراق في السابق، ولا يعرفون كيف كان نظام الحكم، هؤلاء يقارنون هذا البلد مع البلدان الأخرى، ويريدون أن تتوفر لهم فرص عمل، يريدون أن تكون أوضاعهم المعاشية أفضل، يريدون أن تتحسن الخدمات، وهذه هي المطالب، وعلى أي حكومة أن تراعي هذا الموضوع بعد الآن كثيرا”.

وحول علاقات العراق وإقليم كوردستان وجمع الأطراف الكوردستانية وتوحيد صفها في بغداد ودور رئاسة إقليم كوردستان في هذا المجال، قال فخامة رئيس إقليم كوردستان: “من الناحية القانونية، على رئاسة إقليم كوردستان أن تمارس هذا الدور وتكون مظلة جامعة لكل القوى السياسية الكوردستانية في بغداد، وقدر مستطاعنا أنا وزملائي الذين يعملون معي والسيدان النائبان فإننا نسعى لنكون تلك المظلة التي تجمع الأطراف السياسية في إقليم كوردستان ليكون لنا صوت واحد في البرلمان العراقي، ومطلب الإقليم واضح جدا، نحن نريد تطبيق الدستور في العراق. لو ألقينا نظرة على العراق، فإننا شاركنا في العام 2003 في عملية تحرير العراق وقدمنا كل ما في مستطاعنا ليكون العراق مستقرا وآمنا ومرفها، لم يبدر من إقليم كوردستان والقيادة السياسية لإقليم كوردستان أي تقصير. حتى لضمان الأمن في بغداد قمنا بإرسال البيشمركة لحفظ الأمن هناك، واليوم يسأل إقليم كوردستان نفسه سؤالا واحدا، ويقول بعد 18 سنة وهذا الدستور الذي صوت له ثمانون في المائة من الشعب العراقي وذهابنا إلى بغداد حاملين الكثير من الآمال والتطلعات، هل تم تطبیق هذا الدستور؟ الجواب هو لا، لم يطبق أي بند من الدستور في العراق، الجزء الأكبر منه لم يطبق، إن العقلية المركزية هي التي لا تزال حاكمة في بغداد. باختصار، يريد إقليم كوردستان أن يطبق الدستور، ففي الدستور يعرف إقليم كوردستان واجباته ويعرف أيضا ما هي حقوقه، أنا أرى أن الذي يهم لاستقرار العراق، ولو دققنا فيه فإن أهم بنود استقرار العراق هو حل المشاكل القائمة بين أربيل وبغداد. يمكننا وصف المشهد العراقي ببعض كلمات، السنة في العراق يخافون باستمرار من المستقبل، والشيعة في العراق يتحدثون دائما عن الماضي ويخافون من الماضي، والكورد في العراق يخافون من الماضي والحاضر والمستقبل، وطالما ظل هذا القلق قائما ليس ممكنا عودة الأمان السياسي للبلد، وعلى ما أرى فإن عودة الثقة والاستقرار السياسي إلى العراق شرط رئيس للعراق بعد هذه السنوات. بعد هذه السنوات، يجب على أي حكومة تتشكل في العراق وأي طرف يشكل الحكومة وأي شخص يتولى رئاسة الوزراء، يجب أن تكون الأولوية السياسية لهم لكيفية حل المشاكل مع إقليم كوردستان”.

وجوابا على تساؤل حول ما الذي على الكورد أن يفعلوه لتحقيق حقوقهم الدستورية، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني: أول شيء يجب أن يفعله الكورد، وعندما أقول الكورد فإني أقصد كوردستانيي إقليم كوردستان كوردا وتركمانا ومسيحيين وآشوريين وكلدانا وكل المكونات، يجب أن يكون صوتنا في بغداد واحدا، هذا هو الشرط الأول للنجاح. أن يذهب الكورد إلى بغداد متحدين ويحلوا مشاكلهم في الداخل وتكون لهم رؤية واضحة ويفصلوا بين الأمور فلدينا داخل بيتنا مشاكل وآراء مختلفة وأمور كثيرة، لكن يجب أن يذهبوا مجتمعين إلى بغداد، وأن يدافعوا هناك معا عن حقوق كوردستان بكل مكوناته. الموضوع ليس موضوع حصولنا على منصب وهو رئاسة الجمهورية أو حصولنا على منصب وزير، فالقضية الكوردية لم تكن قضية مناصب، بل هي قضية مجموعة مطالب موجودة في الدستور الذي صوتنا له ونريد أن تتحقق، ليست معركتنا من أجل المناصب وما هي المناصب التي للكورد أو المناصب التي تكون من حصتهم، الذي يهم هو أن علينا جميعا أن نسعى من أجل تحقيق هذه الحقوق الدستورية التي صوت لها شعب العراق ويرى إقليم كوردستان نفسه ضمن هذا الإطار. هذا بحاجة إلى تغيير في العقلية والفكر وطريقة التفكير، السؤال هو هل توصلت بغداد إلى قناعة بأن الدستور يجب أن يطبق؟ دعني أسوق مثالا، في كثير من الأحيان يجري الحديث عن الموازنة، الطريقة التي تتعامل بها بغداد مع إقليم كوردستان هي كما يقال لا توجد في أي قاموس، ولا يمكن بكل المعاني وصفها بالفدرالية، فالنظام الاتحادي ليس هكذا، دولتك ونظامك فدراليان، لكن طريقة تعامل بغداد مع الإقليم مركزية لدرجة لا يمكن أن تتصورها، هذا مثال صغير جدا عن الموازنة، وهذه الأمور بحاجة إلى تفاهم وحل، إلى متى يجب أن ننتظر هل ستصرف الرواتب والموازنة؟ يجب حسم هذه الأمور، إن كانت بغداد تعد أبناء إقليم كوردستان مواطنين عراقيين وتعرف أن لهم حقوقا بموجب الدستور، فعليها حل هذه الأمور، يجب أن تتغير طريقة التفكير وهذا الفكر عند أصحاب السلطة بصورة عامة، يجب أن يقوم بناء العراق على الشراكة والتوافق. فهذه المبادئ هي الأكثر أهمية عندنا، رؤية الإقليم واستراتيجيته واضحتان وهو مستعد لاتخاذ خطوات إلى الأمام، ومشاركتنا في الانتخابات العراقية جاءت لمساعدة كل العراقيين، صحيح أننا شاركنا في انتخابات البرلمان العراقي على أمل أن تتحقق حقوق إقليم كوردستان في هذه الانتخابات، لكن ذلك كان في نفس الوقت لمساعدة كل العراق”.

وحول كيفية تمكن إقليم كوردستان من مساعدة العراق من الناحية المصرفية بعيدا عن مشاكل النفط والموازنة، أشار فخامة رئيس إقليم كوردستان إلی أن “بصدد أية مشكلة قائمة بين بغداد وأربيل، فإن لدى إقليم كوردستان الاستعداد لحل كل المشاكل في إطار الدستور العراقي، ودعني لا أقول إننا نرى أن مسألة النفط هي من حقنا دستوريا، وأننا إذ قمنا بتنفيذه لم نكن نقصد خلق مشكلة للعراق، وأننا رأينا وفقا للدستور أن ما فعلناه كان من حقنا. لكننا نريد حسم هذه المشاكل مع بغداد وحلها. مسألة النظام المصرفي، تطوير النظام المصرفي هو أهم شيء في اقتصاد أي بلد في العالم، أذكر أنه عندما عقد مؤتمر الكويت، جرى الحديث كثيرا عن جمع أموال للعراق بغية بناء البنى التحتية، حينها قلت لرئيس الوزراء أطلب شيئا واحدا فقط، إذا كانت الدول الخارجية تريد حقا مساعدة العراق وإن كان العراق يريد حقا مساعدة نفسه، فإن أهم شيء هو إيجاد حل للقطاع المصرفي في العراق، ليس عندنا اليوم في العراق شيء اسمه القطاع المصرفي، الذي نراه اليوم هو مجرد تبادل للعملات وبورصة وليس أكثر من ذلك، أي أننا في العراق ليس عندنا اقتصاد، اقتصاد العراق عبارة عن قيامه ببيع النفط شهريا لتعود أموال النفط وتوزع هذه الأموال وانتهى، ليس هناك شيء يمكن أن نقول عنه إن عندنا اقتصادا، ليس هناك شيء يمكن أن يقال عنه إنه اقتصاد قوي في العراق، وبشأن مسألة المصارف ومن حيث السلطات فإن إقليم كوردستان ينتهج السياسة التي ترسم في بغداد، وقد بذلنا مساعينا الجادة، ومع الدول الغربية والأمريكيين قلت لهم إن كنتم حقا تريدون مساعدة العراق فإن أول عمل هو أن تعثروا على حل للقطاع المصرفي، ساعدوا العراق في إنعاش هذا القطاع، فبدون انتعاش القطاع المصرفي في العراق لن يتقدم العراق ولن يكون أي مستثمر مستعدا لاستثمار أمواله في العراق. في كل المؤتمرات التي يشاركون فيها يتحدثون عن قدوم المستثمرين وأن العراق هو كذا وكذا، لكنهم لا يأتون، فأولا الحصول على تأشيرة سفر إلى العراق هو بحد ذاته مصيبة، ثم يأتي قانون الاستثمار الذي صيغ بطريقة لا تشجع أي مستثمر على المجيء إلى العراق، أن قوانین إقليم كوردستان في هذا المجال، أفضل. والأسوأ من كل هذا هو أنه ليس في العراق نظام مصرفي، وإن لم تجر إصلاحات في هذه البنى التحتية في العراق ولم يتم تحسينها، فإن أي تقدم لن يحدث حتى لو عقدت هذه المؤتمرات في كل سنة”.

وعن زيارات فخامته لمختلف دول المنطقة والعالم، أوضح فخامته أنه “بموجب قانون رئاسة إقليم كوردستان، فأن رئیس الإقلیم يمثل الإقليم في الخارج، وهذا وارد في القانون بوضوح، لكن الأهم هو أنه كانت لنا زيارات جيدة جدا إلى الدول المجاورة للعراق والدول التي لديها علاقات مع العراق في المنطقة وفي العالم، وأكدنا خلالها على رسالة الصداقة، ورسالة العمل معا، وكانت رسالتنا هي أننا جزء من الحل في العراق ولا نريد أن نكون جزءا من المشكلة، ونريد للعراق أن يمضي صوب الاستقرار من كل النواحي، وأعتقد أنهم جميعا تقبلوا هذا منا، ولم ننحز إلى طرف ضد طرف آخر، وحاولنا في المنطقة التي نحن فيها أن نكون عاملا للإستقرار السياسي والاقتصادي مع جميع الأطراف”.

وبخصوص تنافس القوى العظمى في المنطقة وفرص ومخاوف التغيير المناخي وأثره في إقليم كوردستان، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني: “في مسألة التغيير المناخي يأتي العراق في المرتبة الخامسة بين الدول المتأثرة به، ما يعني أنها مسألة مهمة جدا يجب على العراق وبضمنه إقليم كوردستان أن يتوقف عندها بجدية. صحيح أن الأولويات تغيرت، لكننا نرى أن العراق حتى الآن لم يخرج من كونه أولوية عند أمريكا. أعتقد أن العراق مختلف جدا عن أفغانستان، فهما شيئان مختلفان عن بعضهما البعض كثيرا ولا وجه للمقارنة بينهما. لكن هذا لا يعني أن أمريكا ستبقى هنا للأبد. الكرة اليوم أصبحت في ساحة العراق والعراقيين، فالأمريكيون فعلوا حتى الآن ما كان يجب فعله، ومن الآن فصاعدا على العراقيين أنفسهم أن يحملوا همومهم. أن يحملوا هموم مستقبل بلدهم، وهموم كيفية تنظيم مؤسسات الحكومة. المشكلة الكبرى في العراق هي أننا نفتقر إلى المؤسسات. السلطة هي خارج الحكومة، السلطة في مكان آخر، وليس ضمن هذه السلطة أحد مستعد للاعتراف بالآخر. فمثلا، قلت لهم مرات عديدة في بغداد: لماذا سلطاتكم بهذه الصورة؟ عندما تنظر إلى الأحزاب تجد الأشخاص في المرتبة الأولى والثانية فيها موجودين خارج السلطة، وبدلا عنهم، يبعثون بأشخاص آخرين إلى الحكومة، وهذا يعني أن مسألة الحكم في العراق لم تحمل على محمل الجد إلى الآن. على هؤلاء أن يتقدموا ويشاركوا جميعهم معا في الحكومة ويساعدوها، وفي الحقيقة, ما يستطيع رئيس الوزراء أن يفعله كشخص، وما يتوقع منه هو شيء قلیل جدا.

وعند إجابته على سؤال عن تجربة السلطة في إقليم كوردستان ومراحلها وجوانبها الإيجابية والسلبية، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني: مراحل السلطة الكوردية مقسمة إلى أقسام. من العام 1991 إلى العام 2003، أو دعوني آتي بمثال أصوب، في العامين 1991 و1992 عندما تشكلت إدارة حكومة إقليم كوردستان هنا وكان النظام علی شاکلة توجب حسم المشاكل عن طريق الانتخابات وصناديق الاقتراع، كانت تلك مرحلة البداية. عندها كانت رهانات العراق كلها على أن الذين في إقليم كوردستان لن يستطيعوا بأي شكل من الأشكال إدارة شؤونهم وسيضطرون للعودة إلى بغداد وسيقبلون أيدينا ويقولون لنا تعالوا وأديروا لنا هذا النظام. هذه المرحلة حتى العام 2003 كانت مرحلة حماية الذات. لم يكن هناك شيء يمكنك أن تقول عنه إننا استطعنا إنشاء بنية تحتية اقتصادية لإقليم كوردستان. فنحن من العام 1991 حتى 2003 كنا نشعر بالامتنان إن استطعنا تأمين الرواتب، ولم تكن عندنا تطلعات تفوق هذا، كذلك لم يكن عندنا شيء يعرف بالقطاع الخاص، أو كان قليلا جدا. إن مرحلة إعمار إقليم كوردستان بدأت بعد العام 2004، ولو أجرينا مقارنة لما بعد العام 2004 سنجد أن الحياة في إقليم كوردستان تغيرت من كل الأوجه. ولو كان السؤال هو: هل أن كل ما عندنا كامل ولا نواقص عندنا وكل شيء على ما يرام؟ لا ليس كذلك. نحن لا نتهرب من المسؤولية الآن أيضا، لكن في نفس الوقت فإن الذي يهم هو أن نقول إن سلطة إقليم كوردستان ليست سلطة فرضت نفسها، بل هي سلطة انتخبت عبر طریق صناديق الاقتراع. أي أن الشعب منح هذه الثقة لهذه السلطة. الشعب منحهم أصواته واعتمد عليهم وقال لهم استمروا، ولديه توقعات ومطالب. هذه هي الحياة، فلا يمكن أن تقول أن كل الأشياء ستتوقف عند حد معين. فلو أجري استطلاع في السنوات 2004 و2005 و2006 في إقليم كوردستان، لقال الناس إن الأمن هو الأولوية عندنا، لكن الأولويات والاهتمامات تغيرت فيما بعد، وعندما استتب الأمن قالوا نريد أشياء أخرى، هذا شيء عادي وطبيعي جدا جدا، وهذه هي الحياة. سقف مطالبنا يرتفع، وشعب كوردستان، شعبنا يستحق أن نقدم له المزيد من الخدمات. أي أن الثقة التي منحها الشعب لنا، والسلطة اليوم في إقليم كوردستان سلطة ناتجة عن هذه الثقة التي نالتها من الشعب، وليست قطعا سلطة فرضت نفسها.. هل قمنا بتضييق الحريات؟ لكن أن أقول إنه لم يحدث أي خطأ، حدثت أخطاء، لكننا في إقليم كوردستان، في حكومة إقليم كوردستان، وفي رئاسة إقليم كوردستان واثقون من نقطة واحدة. نحن نعلم أننا نسلك طريقا صحيحا نتقدم فيه نحو المستقبل. ومع هذا، هناك نواقص على طريقنا، وعلينا أن نسعى لإزالتها جميعا والعثور على حلول لها. لأن الشعب الذي منحنا الثقة، يستطيع ومن خلال صناديق الاقتراع أن يسحب منا هذه الثقة. نحن الذين أسسنا هذا النظام، والمبادرة جاءت من القيادة السياسية في كوردستان. لو عدت إلى التاريخ، فإن فخامة الرئيس بارزاني كان أول من أعلن من كويسنجق أنه يجب حسم الأمور عن طريق التصويت والانتخابات، كنا نحن من فعل هذا. رؤيتنا ونظرتنا للمستقبل واضحة. نحن نريد تنظيم مؤسسات إقليم كوردستان، وعدم الاعتماد على الأشخاص، فالشخص الموجود اليوم هنا لن يكون موجودا غدا. علينا أن نتخذ الخطوات باتجاه بناء المؤسسات، والمؤسسات لن تبنى في يوم وليلة، فهذه عملية مستمرة في الحياة. آمل أننا عندما نجلس، علينا ان نجري مقارنة بين الحاضر والماضي، فها نحن نرى أنه رغم النواقص التي نشعر بها ونعرفها ونسعى لحلها، نرى أننا حققنا تقدما جيدا في كثير من المیادین.

وجوابا على سؤال آخر عن الضغوط والهجمات بالطائرات المسيرة على أربيل، والتي يقال إن إيران هي من يقف وراءها، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني: لو خضنا في هذه الأحاديث، فهذه الأشياء موجودة، وهي كثيرة. أي أن ذلك لا يعني أن تلك المشاكل غائبة عن المنطقة، لكن للأمور جانب آخر وهي أننا نرتبط مع هذه الدول بحدود طويلة، وهناك علاقات اقتصادية واجتماعية قوية جدا جدا بيننا وبين هذه الدول. فمثلا من الناحية التجارية مع إيران هناك تبادل تجاري بقيمة تقترب من أحد عشر مليار دولار، ونحو 70% من البضائع التي تصدر من هذا البلد إلى العراق يمر عبر إقليم كوردستان. نحن نرى هذه الأمور، ومع ذلك ولحل تلك الأمور، نتوجه بخطابنا إلى بغداد أكثر من غيرها، ولا نتوجه إلى طهران بل إلى بغداد. ما نطلبه هو أن تكون القوات المسلحة العراقية كلها تحت سيطرة رئيس الوزراء، لأنه بموجب القانون هو القائد العام للقوات المسلحة. وللأسف الشديد، نحن نرى في العراق بعض القوات يقدم على هذه المحاولات ويعمل خارج إطار القانون. أن قلق إقليم كوردستان وانزعاجه من هذه المسألة جديان، لكن كلامنا موجه لبغداد، وعلى بغداد أن تكبح هؤلاء، يجب أن يكون كل هؤلاء تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة وسيطرته، مهما كان الشخص الذي يتولى رئاسة الوزراء، أي أنني لا أقصد شخصا بالذات. ما أقصده هو أن هؤلاء خاضعون قانونا لسيطرة القائد العام للقوات المسلحة، والقائد العام للقوات المسلحة هو رئيس الوزراء. للأسف، هذه الأمور التي يستهدفون بها أربيل، أو سعيهم لإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ ليضربوا بها أربيل، لا تعود على هذا البلد بشيء غير زعزعة استقراره. سياستنا واضحة، ونحن جزء من القرارات التي تصدرها بغداد بخصوص أي موضوع. نحن لسنا جزءا من صناع المشاكل.

وحول العمليات والأعمال العسكرية التركية في أراضي إقليم كوردستان، قال فخامته: لو أننا نظرنا إلى الموضوع نظرة واقعية، وقبل أن نقول إن تركيا تفعل كذا، علينا أن نتساءل: لماذا تفعل تركيا هذا؟ هذا مهم جدا. هل من الصواب أن يتحول العراق وبضمنه إقليم كوردستان إلى مصدر تهديد لتركيا أو أي جارة؟ مبدئيا، فإن رأينا وسياستنا في المنطقة هي أنه لا يجوز أن يكون إقليم كوردستان والعراق مصدرا لتهديد دول الجوار، فالذي عمق المشكلة هو (بي كا كا). فهو المشكلة الكبرى لإقليم كوردستان. (بي كا كا) الذي لا يستطيع اليوم تنفيذ أي نشاط عسكري في داخل تركيا، يأتي وينقل هذه التوترات إلى إقليم كوردستان ويخلق مشاكل داخل إقليم كوردستان. أي أن السبب الرئيس هو أن (بي كا كا) يخلق تلك المشاكل. أي أنه في حال لم يخلق (بي كا كا) تلك المشاكل، عندها سيكون أسهل بكثير أن نقول بصوت جهير لتركيا ولأي دولة أخرى ليس من حقك أن تفعل هذا. لكن (بي كا كا) الذي لا يحترم مؤسسات حكومة إقليم كوردستان، ولا يحترم قرارات حكومة إقليم كوردستان، ولا يلتزم بأي قرار لبرلمان إقليم كوردستان وعادى منذ اليوم الأول علنا برلمان وحكومة إقليم كوردستان. لهذا ما الذي يمكن أن نتوقعه من تركيا؟ إذن، وعلى ما أرى، من المهم جدا في هذه المسألة أن يراجع (بي كا كا) سياساته، يجب أن لا يكون إقليم كوردستان مصدر تهديد لتركيا ولا لإيران. لا يمكن أن يتحول إقليم كوردستان إلى ملاذ آمن لأولئك فيذهبوا إلى الدول الأخرى وينفذوا فيها نشاطات عسكرية ويعودوا إلى إقليم كوردستان. وفي هذا السياق يجب احترام سيادة العراق وإقليم كوردستان. في هذا الإطار أيضا، أعود لأوجه اللوم إلى العراق. في الحقيقة، إن ما يجري اليوم في سنجار، المتسبب فیه هو (بي كا كا). فبيننا و الحکومة العراقیة اتفاق بهذا الشأن، وقد وقعت حكومة الإقليم اتفاقا جيدا جدا في هذا السياق مع العراق، لكن لماذا لا ينفذ هذا الاتفاق في سنجار؟ وما هو السبب؟ فالحكومة العراقية في بغداد تعرف جيدا أن أحد الأسباب التي تحول دون تنفيذ الاتفاق هو تواجد (بي كا كا) في سنجار، وللأسف الشديد تتم مساعدتهم وتمويلهم من بغداد. هذه مشكلة يجب السعي بجدية بالغة لإيجاد حل لها.

ولدى إجابته على سؤال حول ما إذا كانت أمريكا ستكرر نفس سيناريو أفغانستان في العراق، وعن علاقات أمريكا والعراق، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني: مسألة تواجد القوات الأمريكية في العراق من وجهة نظر إقليم كوردستان هي أن العراق لا يزال حتى الآن بحاجة لمساعدة المجتمع الدولي. لو أنك ذهبت وسألت أي ضابط عراقي وقلت له كيف هي أوضاعكم واستعداداتكم لمواجهة داعش؟ لو تحريت الإجابة الصحيحة، سيقول لك: بدون المساعدة الدولية، لا يزال أمامنا الكثير لنكون مستعدين لمواجهة الإرهاب وداعش في العراق. أي أن رأينا ليس خاصا بإقليم كوردستان، نحن نرى أن تواجد قوات أمريكا والتحالف لمساعدة العراق مهم وضروري. نحن نرى المسألة ضمن هذا الإطار، لكن إن اتخذت بغداد غدا قرارا مخالفا لرأينا هذا، فإن إقليم كوردستان وبدون أي شك سيلتزم بقرار بغداد ذاك، مهما كان ذلك القرار. ما الذي تستطيع أمريكا فعله في العراق؟ أمريكا عندما جاءت في العام 2003، أول ما فعلته كان إسقاط النظام الدكتاتوري. الشيء الثاني الذي فعلته، هو أنها جاءت ووضعت أسس نظام ديمقراطي في العراق، أما إن كان سيئا ولم نكن نحن راضين عنه، وفيه نواقص، فهذا كله صحيح، لكنها وضعت له الأسس. في نفس الوقت استثمرت كثيرا في العراق، استثمارات بشرية، استثمارات عسكرية، ومن الأمور التي بينت ذلك الاستثمار أنه عندما هاجم داعش العراق، نفذت أمريكا التزامها. هكذا هي الحال، الكرة اليوم في ساحة العراق. كيف ينظر العراق إلى هذه العلاقة؟ الذي كان على عاتق أمريكا قد تم، ونفذته هي، ومن الآن على العراقيين أنفسهم أن يعرفوا أي نوع من العلاقات مع أمريكا يريدون. عندنا إطار استراتيجي للعلاقات. نحن نرى أن هناك فرصا كثيرة يمكن أن يستفيد منها العراق. الجميع الآن يتحدث عن الجانب العسكري، والموضوع في الحقيقة ليس عسكريا فحسب، فالاتفاق الاستراتيجي بين العراق وأمريكا واسع جدا. لماذا لا يفكر العراق بجد في أن يتخذ منه فرصة؟ فضمن هذا الإطار الاستراتيجي يوجد موضوع التعليم، مواضيع اقتصادية، مواضيع ثقافية، موضوع الطاقة، وهذه جميعا مجالات يستطيع العراق استغلالها بصورة جيدة ويستفيد منها. للأسف، أرى أنهم في بغداد لا يحملون مسألة العلاقة الاستراتيجية على محمل من الجد حتى الآن، وعندما يتناولونها يرون منها شيئا واحدا فقط، وهو موضوع كم من الجنود سيرحلون وكم من الجنود سيبقون. هذا جزء صغير جدا من هذا الإطار الكبير القائم اليوم للعلاقة بين العراق وأمريكا.

وفي الختام، أجاب فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني على تساؤلات الحضور حول عدد من المواضيع المختلفة، على هذا النحو:

الدستور:

فيما يخص الدستور والحقوق الدستورية لإقليم كوردستان، إننا على مستوى كوردستان وفي كل القوى والأحزاب السياسية ورغم اختلافاتنا، فإننا جميعا متفقون في الرأي ومجتمعون على الدفاع عن حقوقنا الدستورية في بغداد وإن كانت طرقنا في الدفاع مختلفة. العلاقة بين الأطراف السياسية الكوردستانية شهدت تقدما كبيرا، فمثلا لو نظرنا إلى علاقات الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، نجد أن العلاقات بين هذين الطرفين والأطراف الأخرى أيضا بلغت مستوى، رغم أنواع الخلافات والاختلافات، لا يفكر أي طرف في اللجوء إلى السلاح، هذا في حد ذاته تقدم إیجابي جدا تحقق في إقليم كوردستان. هناك دائما محادثات جادة وسعي جاد لحل المشاكل والخلافات مع محاولات في المحطات التي توجب اتخاذ قرارات معا خدمة لمصالح إقليم كوردستان، نتخذ القرارات متحدين برغم كل الخلافات، وهناك أمثلة كثيرة على هذا. في مرات كثيرات ورغم وجود خلافات عميقة، عندما مست الأمور مصالح الإقليم، اتخذت الأغلبية، وإن لم يكن الكل، القرار الذي يصب في مصلحة كوردستان.

الضمانات في العراق:

بخصوص الضمانات في العراق، في الحقيقة لا توجد ضمانة مائة في المائة، الضمانة هي فقط أنه عندنا نظاما اتحاديا ودستورا، ولتحقيق الاستقرار في العراق يطالب شعب كوردستان بتطبيق هذا الدستور الذي صوت له شعب العراق. فبدون تطبيق الدستور ومع إهمال الدستور كما يجري الآن، ليس من الممكن أن يبلغ العراق حد الاستقرار. إن تأريخ إغفال القضية الكوردية ونتائجها والمشاكل التي خلفها في العراق، ليس بالتأريخ البعيد. في العام 1970 شعر صدام حسين بالضعف، فوقع اتفاقية الحادي عشر من آذار مع قيادة الثورة الكوردية برئاسة البارزاني، لكن لأنه لم يكن مؤمنا بالاتفاقية فإنه عمد حال شعوره بأنه قوي إلى إشعال فتيل الحرب على الثورة الكوردية ليقضي عليها، وعندما فشل في ذلك، تنازلوا لشاه إيران وأعطوه نصف شط العرب، ثم لاستعادة ذلك النصف من شط العرب حاربوا إيران ثمانية أعوام. لنفس هذا السبب باتوا مضطرين للاقتراض، فاضطروا للذهاب لاحتلال الكويت. إن معاناة وآلام العراق هذه كانت بالأمس، ولو جرى التفكير من اليوم الأول في وجوب حل مشاكل العراق داخل العراق نفسه، لما وقع أي مما وقع فيما بعد. يجب أن يكون هذا درسا لحاضر العراق، درسا لكي نفهم منه أننا اليوم في العراق نحتاج إلى التفاهم، يجب أن نكون مطمئنين إلى أن الجيل الذي يلينا سيعيش في هذا البلد في سعادة وأمان. إن هذه الضمانة غائبة حتى الآن عن مكونات كوردستان. فالمشكلة تبدأ من هنا. تبدأ بطريقة التفكير هذه. نحن نتحدث عن تطبيق الدستور منذ العام 2005 وإلى الآن. ترى متى سيطبق الدستور؟ ونحن ككورد لم نطلب أكثر من تطبيق هذا الدستور.

تفسير الدستور:

مسألة تفسير الدستور وأن كل واحد يأتي ويفسر الدستور على هواه، كلام صحيح جدا وهو في حد ذاته مشكلة أخرى. لكن في هذا الموضوع، توجد أطراف دولية ودول نستطيع أن نطلب منها وتساعدنا في تفسير الدستور. أما عن دستور إقليم كوردستان وهو موضوع مهم جدا، فقد بدأنا بالعملية، وننسق مع رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة وشكلنا لجنة ونعمل على اتخاذ خطوات عملية ليكون لإقليم كوردستان دستوره، لكن يجب أن يكون دستورا يتفق عليه جميع مكونات كوردستان، إننا لا نريد الدستور ليزيد من الاختلافات بيننا، يجب أن يكون دستورا تتفق عليه القوى السياسية والقوى الأخرى كلها، ونحن الآن نعمل على هذا. كما ننوي ونريد أن يسبق إنجاز الدستور الانتخابات القادمة في إقليم كوردستان، ونعرضه على التصويت. لا شك أن دستور إقليم كوردستان سيراعي الحقوق الواردة في الدستور العراقي ونريد أن يكون هناك توازن بين دستور الإقليم والدستور الذي ببغداد، ولا نريد خلق خلافات.

مسألة الكورد في تركيا:

حول الحل السلمي لمشكلة الكورد في تركيا وهل هو ممكن، نعم هو ممكن وقد بذلنا في السابق جهودا كثيرة في هذا السياق. دعني أقولها بصورة أوضح: إن القضية الكوردية قضية حية في هذه الدول، ويجب حل المشكلة الكوردية سلميا ضمن إطار الدول التي يعيش فيها الكورد. فهي لن تحل بالإهمال والإغفال. يجب الوقوف عليها بجدية بالغة، ولدى إقليم كوردستان الاستعداد لممارسة دور في حل المشكلة الكوردية في أي بلد إذا طلبوا منا المشاركة في الحل.

كركوك:

عن كركوك، قلت في خطابي أثناء الحملة الانتخابية أن هدفنا في مسألة كركوك ليس النفط، وأننا لا نريد وقوع حرب قومية في كركوك. خطابنا بسيط جدا وواضح: هناك مادة صيغت ضمن الدستور العراقي وضعت خارطة طريق لحل المشاكل، نحن ندرك أن القول بأن كركوك جزء من كوردستان ولا حق لأحد آخر فيها، خطأ، لكن عندما يقال أن الكورد والمكونات الأخرى لا حق لها في كركوك، فهذا أيضا خطأ. لنقلها بطريقة أبسط: لو كان العراق قد فكر في أن يكون عندنا قانون لتوزيع العائدات النفطية، فإن مشكلة كركوك والنفط وهذه الأمور كانت ستحل تلقائيا. على سبيل المثال: لو أننا في إقليم كوردستان كنا واثقين من أن حصة إقليم كوردستان تصل إلى إقليم كوردستان كاملة، لما كنا بحاجة للجوء إلى شيء آخر، لكن هذا الأطمئنان غائب اليوم، تستخدم بغداد باستمرار مسألة الموازنة وفصل الرواتب عن الموازنة -وهي نقطة مهمة- كورقة ضغط على مواطني إقليم كوردستان وهذا مؤسف للغاية. إن كنا نحن مواطنين عراقيين فيجب الفصل بين هذين الأمرين. نحن لا نتفق بشأن الموازنة، ولكن ليس من المعقول زج رواتب مواطني إقليم كوردستان الذين هم جزء من مواطني العراق، في هذه المعمعة. أما عن كركوك، فنحن نريد حلا سلميا لكركوك. رسالتنا هي رسالة التعايش، رسالة إقليم كوردستان هي رسالة سلام لكل المكونات عربا وتركمانا ومسيحيين ولكل مكونات العراق، رسالة إقليم كوردستان هي رسالة سلام ومن حسن الحظ أننا نلمس تقدما في هذا الاتجاه.

الدعاية الانتخابية:

في الانتخابات السابقة، لو أرادت الأحزاب السياسية العراقية تحشيد الأصوات لصالحها، كانت تبدأ بمهاجمة إقليم كوردستان، لكن شعب العراق أدرك هذا هذه المرة، ورد عليهم شعب العراق. أغلق هذا الباب في هذه الانتخابات. فكانوا في كل مرة يريدون أن يقولوا إن إقليم كوردستان هو من يتحمل مسؤولية غياب الخدمات في المناطق الأخرى من العراق. في هذه المرة، رد شعب العراق من خلال التصويت على أولئك الأشخاص، وفي هذا السياق نشكر كل شعب العراق لتفهمهم وإدراكهم هذه المسألة. فكما يحب إقليم كوردستان أن تكون أربيل والسليمانية ودهوك عامرة، يحب بنفس الصورة أن تكون بغداد والنجف وكربلاء والأنبار والموصل عامرة. نحن نريد هذا لكل شعب العراق. الرفاهية التي نطالب بها ونريدها لإقليم كوردستان، نريدها أیضا لكل مكونات وكل محافظات العراق.

رئيس وزراء العراق:

وفيما يتعلق بموضوع رئيس الوزراء العراقي، فالأمر لم يحسم حتى الآن، لأن نتائج الانتخابات لم تحسم حتى الآن بصورة نهائية. جرت الانتخابات، ولأي سبب كان هناك أطراف ترى أنها تعرضت للغبن. على ما أرى، فإن أول شيء هو أن يؤخذ بآراء هؤلاء أيضا ويعرف الأساس الذي يبنون عليه شعورهم بالغبن. ما هي المشكلة التي حصلت وأين كانت المشكلة، وأرى أن على المفوضية العليا للانتخابات أن تحمل هذه المسألة على محمل الجد وتبدد قلق وانزعاج هؤلاء. كذلك توجد الآن بين إخوتنا الشيعة محادثات ساخنة ومكثفة حول هذا الموضوع، ويجب البت في هذا الأمر. كما أن المحكمة الاتحادية ستصادق في الأخير على النتائج. هذه المراحل كلها لا تزال باقية ولن تنتهي بسهولة. وعندما تنتهي هذه المراحل جميعا، عندها سيسعى إقليم كوردستان بالتأكيد للتوجه إلى بغداد بصوت موحد ورؤية واضحة، ونحن نريد أن تشارك كل القوى، والقوى الفائزة في إقليم كوردستان في ذلك الحوار.

الموصل:

بخصوص موضوع الموصل، أولا للموصل حق الجوار علينا، وعندما هاجم داعش الموصل والأنبار والأماكن الأخرى فتحنا أبوابنا في وجه كل الذين كانوا بحاجة إلى إقليم كوردستان. آوينا نحو مليوني نازح ولاجئ في إقليم كوردستان. بسبب هذا ارتفع عدد سكان إقليم كوردستان بنسبة 29%، لكننا نعتز بهذا ونفخر بفتحنا للأبواب في وجه إخوتنا من المناطق الأخرى من العراق. كما نشكر شعبنا من زاخو وصولا إلى خانقين على استقبالهم بصدر رحب العرب والكورد والإيزديين والمسيحيين وكل أولئك، وأثبتوا بذلك أن شعبنا يتبوأ مكانة رفيعة من حيث الوعي السياسي والاجتماعي. على مدى تلك الفترة وإلى الآن لم نسمع عن مشكلة ظهرت بسبب ذلك. وهذا محل فخر لنا. بالتأكيد هذا يجري على الموصل أيضا. الموصل جارة لنا، ونحن على الخط مع بغداد بصورة مستمرة، وعندما نطالب بتنفيذ اتفاقية سنجار فإننا نقصد بذلك استتباب الاستقرار السياسي في تلك المنطقة. نريد أن تصبح إعادة إعمار الموصل وعودة الأهالي إلى ديارهم أولوية عند الجميع، لأن الأهالي لن يعودوا وليسوا مستعدين للعودة بسهولة ما لم يتم حل الوضع الأمني ولم يتم تأمين الخدمات.

الموازنة:

بخصوص احتمال عدم حل مشكلة الموازنة بين أربيل وبغداد، أعتقد أنه من الأفضل أن يكون عندنا أمل في حل هذه المشاكل وأن تصب مطالبنا وجهودنا كلها في اتجاه العثور على طريق لحل المشاكل. بغداد والعراق هما العمق الاستراتيجي لإقليم كوردستان، ومهما سلك الإقليم من سبل ستبقى بغداد العمق الاستراتيجي للإقليم، لهذا فإن إقليم كوردستان يريد حل المشاكل مع بغداد، وهذا الحل سيخدم كل العراقيين. العلاقة القائمة اليوم بين الكورد والعرب موضع اعتزاز. إن قدوم كل هؤلاء من أخواتنا وإخواننا من المناطق الأخرى من العراق، والذين يشاركون اليوم في هذه الملتقى، وكذلك القدوم المستمر لأخواتنا وإخواننا من بقية مناطق العراق إلى كوردستان وقضاء أوقات ممتعة في كوردستان، هذه العلاقة هي محل اعتزازنا، ويجب علينا أن ننمي هذه الثقافة عند شعبنا يوما بعد يوم. يجب أن يستمر كرم الضيافة والترحيب بالشعوب الأخرى مستمرا دائما كما كان، وأن نعمل على هذا الأمل. الكلام الذي قلناه هنا اليوم والعتاب الذي نوجهه إلى بغداد أو إلى أي مكون لا نريد من ورائه إستهداف أحد، بل أن قصدنا منه هو حل المشاكل.

Read کد خبر: 1131

احدث الأخبار

الحصول على اتصال معنا

اهم الأخبار

حالت های رنگی