عقد نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء إقليم كوردستان، اليوم الأربعاء 4 حزيران 2014، إجتماعا خاصا مع هيئة الرئاسة في برلمان كوردستان ورؤساء الكتل البرلمانية، يرافقه كل من د. آشتي هورامي وزير الثروات الطبيعية و د. علي سندي وزير التخطيط وعدد من المستشارين الحكوميين وأعضاء اللجنة القانونية ولجنة النفط والغاز في برلمان كوردستان، بهدف تسليط الضوء وتوضيح قضية الطاقة وتصدير وبيع نفط إقليم كوردستان إلى الخارج. برئاسة د. يوسف محمد رئيس برلمان كوردستان، ودام الإجتماع أكثر من ستة ساعات.
وفي مستهل الجلسة، رحب رئيس البرلمان برئيس الوزراء والحضور، وسلط الضوء على الجوانب التاريخية لقضية الطاقة التي كانت دائما من القضايا المصيرية بالنسبة للمواطنين في الإقليم، واشار خلال حديثه أن أول بئر للنفط أكتشف في الشرق الأوسط كان في إقليم كوردستان في منطقة (جبل سورخ) عام 1902 وهذا ما دفع بريطانيا إلى ضم إقليم كوردستان الذي كان آنذاك ضمن ولاية الموصل إلى العراق بهدف الإستفادة من الثروة النفطية، واظهر أن قضية النفط وقضية كركوك أيضا كانت إحدى أسباب فشل مفاوضات الثورة الكوردية والحكومة العراقية خلال السبعينات من القرن العشرين.
وجدد رئيس البرلمان أن هذه المسألة وصلت في حينها إلى مستوى حساس، وسلط الضوء على أن حكومة الإقليم بالرغم من المعوقات القانونية، أبدت تعاونها مع البرلمان، وهذه هي المرة الثانية يناقش رئيس الوزراء هذه القضية في البرلمان.
عقبها أعرب نيجيرفان بارزاني عن شكره لبرلمان كوردستان لإتاحته هذه الفرصة، وجدد التأكيد على أهمية مسألة الطاقة لإقليم كوردستان، وأكد على أن هذه القضية ليست شخصية ولا تتعلق بحزب معين، وإنما لها علاقة بإقليم كوردستان بشكل عام، وأن القضية حساسة جداً، ومن المهم جداً ان يكون البرلمان بصفته مؤسسة شرعية في هذا البلد الإطلاع جملة وتفصيلاً على هذه القضية في إطار تلك القوانين التي سنها البرلمان. منوها أن شعب كوردستان يسعى في هذا الجانب إلى ممارسة حقوقه، ولم يخفي أن شعب يطالب بحقوقه الدستورية ليس من السهل الحصول عليها، ومن غير المستبعد أن يتعرض إلى مشاكل وعراقيل في طريق تحقيق حقوقه الدستورية.
وأوضح أن بغداد لم تتحدث عن أن ما قام به إقليم كوردستان بخطوة تصدير النفط عمل جيد أم لا؟ وإنما تريد السيطرة على المسألة بشكل كامل، وأخذ زمام الأمور بيدها، ونفى سعي إقليم كوردستان إلى ضمان الإستقلال السياسي من خلال هذه المسألة.
واشار رئيس الوزراء إلى أن شعب كوردستان يرغب أن يطمئن على ضمان حقوق إقليم كوردستان من الموازنة العامة للعراق وحصوله على نسبة 17٪ كاملة، وإذا ما توصلت بغداد مع إقليم كوردستان إلى إتفاق حول مسألة تقاسم الموارد النفطية الذي يعتبر أكبر وأهم قانون للعراق، حينها ستعالج جملة من المشاكل بخصوص هذه المسألة، ولكن إذا جرى الحديث عن هذه المسألة ببساطة ولم تؤخذ محمل الجد، عندها ستقوم الحكومة العراقية سنوياً ومن دون إشعار الكورد بزيادة الميزانية السيادية وتقليص ميزانية إقليم كوردستان. وأوضح في الوقت نفسه أن ما يستلمه إقليم كوردستان حاليا من العراق لا يتعدى الـ 10٪ وليس 17٪ وهنالك عبء ثقيل على عاتق حكومة إقليم كوردستان، سيما بعد تدمير قرى إقليم كوردستان، ومنذ تشكيل حكومة إقليم كوردستان عام 1991 وإنتهاج سياسة منح الرواتب للجميع في الإقليم، التي عرفت بسياسة خاطئة، وأظهرت أن الأحزاب قامت باستخدام هذه الورقة في الكثير من الأحيان لأغراضهم السياسية، ودفع مواطنو كوردستان ضريبة هذه الأخطاء.
وأوضح نيجيرفان بارزاني أن إقليم كوردستان يحتاج إلى أكثر من 31 مليار دولار للوصول إلى معيار دولي وسد الفراغ الحاصل في الإقليم من طرق وجسور ومدارس ومستشفيات وبعض الأمور الأخرى التي تعتبر ضرورية ورئيسية.
وخلال هذه الجلسة، قدم كل من د. آشتي هورامي وزير الثروات الطبيعية و د. آمانج رحيم المستشار القانوني لمجلس الوزراء عدد من التوضيحات الضرورية حول آلية إدارة هذا الملف للبرلمان.
بعدها وفي معرض رده على الأسئلة التي طرحها عدد من البرلمانيين، جدد رئيس الوزراء التأكيد على ان الهدف الرئيسي من هذا الإجتماع هو الوصول إلى تفاهم مشترك، ونحن نتعامل مع هذه المسألة كحكومة، وأضاف أن نائب رئيس حكومة الإقليم لم يحضر هذا الإجتماع بسبب السفر، وغياب وزير المالية بسبب المرض، وأطمئنكم بأننا نتعامل مع هذه المسألة كحكومة، وبالتأكيد حال عودة الأخ عماد أحمد بالامكان أن يشارك في الإجتماعات القادمة. وأن د. آشتي هورامي سيجيب على أسئلتكم وإستفساراتكم في إطار قوانين مجلس النفط.
ورداً على تساؤلات الحضور بخصوص موقف الولايات المتحدة الأمريكية، أجاب نيجيرفان بارزاني: نحن نعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع قول أكثر من ذلك، السياسة الحقيقية لأمريكا هي دعم الإقليم وبغداد للتوصل إلى تفاهم مشترك، ولم تخفي ذلك وتتحدث في جميع المناسبات عن موقفها هذا. ولكن ما كنا نأمله من الولايات لمتحدة الأمريكية هو عندما تحدثت عن نفط إقليم كوردستان، كان من المفروض الإشارة إلى قيام بغداد بقطع رواتب موظفي إقليم كوردستان من جانب واحد. نحن لم نقدم على هذا العمل بشكل منفرد، وإنما جاء نتيجة تصرف بغداد بهذا الشكل مما دفعنا إلى إيجاد حل لمسألة رواتب موظفي إقليم كوردستان.
وبخصوص إتفاقية التعاون بي إقليم كوردستان وتركيا، فيما يخص مسألة الطاقة وتصدير نفط إقليم كوردستان، قال نيجيرفان بارزاني: لنحاول عدم إدخال هذه المسألة في إطار سياسي، دخلنا في إجتماعات ومباحثات مع تركيا منذ فترة طويلة من الزمن، وفي إطار هذه الإجتماعات قمنا بتوقيع بروتوكول للتعاون والعمل المتواصل على المدى البعيد بخصوص مسألة الطاقة ومدته 50 عاما قابل للتمديد، ونحن لم ننظر في إي وقت إلى هذه الإتفاقية في إطار سياسي للسعي لتقسيم العراق، كلا فهذا بعيد عن الحقيقة، وأن الأمر لا يعدو كونه شأنا إقتصاديا لتأمين حياة مواطني الإقليم.
كما أوضح أيضاً أن إقليم كوردستان يسعى للمطالبة بحقوقه التي نص عليها الدستور لشعب كوردستان، وعندما يجري الحديث عن نسبة 17٪ يجب منح هذه النسبة لإقليم كوردستان بشكل كامل. وأوضح أن الحكومة العراقية تقوم سنوياً بايراد مصاريف كبير جديدة على الموازنة العامة للعراق باسم المصاريف السيادية، ويتحمل الإقليم جزءاً من هذه المصاريف التي لم يشترك فيها إقليم كوردستان بأي شكل من الأشكال، وهذا ما يؤدي إلي تقليص حصة إقليم كوردستان من الموازنة العامة العراقية.
وسلط نيجيرفان بارزاني الضوء على أن فوائد الشركات النفطية في إقليم كوردستان هي نسبة 7٪ ولا يوجد إشكال حول هذه المسألة أساسا. وحول أسلوب وآلية العقود فالجميع متفق على أنها تصب في مصلحة مواطني إقليم كوردستان والعراق بشكل عام، وأن برلمان إقليم كوردستان يتابع مسألة عوائد النفط والخرجيات والمصاريف، كيفية وصول هذه العائدات وكيفية تخصيصها وصرفها لمشاريع البنية التحتية للإقليم، ولذلك من الممكن تشكيل لجنة من البرلمان، وأبدى إستعداد الحكومة أيضاً بشأن ذلك، للتوصل إلى تفاهم مشترك.
وفي الجزء الثاني من هذا الإجتماع طرحت عدد من الأسئلة والملاحظات من قبل المشاركين في الإجتماع على رئيس الوزراء ووزير الثروات الطبيعية، حيث أجابوا عليها باسهاب.