الأحد, 20 آذار/مارس 2016 12:30

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الإخوة المواطنون الأحبة في كوردستان

بمناسبة عيد نوروز القومي ورأس السنة الكوردية، أتقدم بأحر التهاني لجميع مواطني كوردستان بكافة مكوناتهم الدينية والقومية، وأهنىء عوائل الشهداء الأبرار وبيشمركتنا البواسل الذين يحمون الوطن بدمائهم وتضحياتهم، وأتقدم بتحياتي لأرواح الشهداء الطاهرة، فهم موضع فخرنا والعامل الأساس في إستمرار حياة وإستقرار شعبنا.

إن عيد نوروز يحمل لشعب كوردستان رسالة النور والتجديد والحرية، وقد سجل عيد نوروز العديد من الأحداث المفرحة والمحزنة التي رسمت لنا تاريخنا، وعلى مر التاريخ حطم هذا الشعب الظلم والظلام وحقق النصر، وهذا دليل على أن أهل هذا الوطن لا يقبلون الظلم بل يحطمون الظلم والإستبداد دوماً.

وفي هذا العام، نحتفل بعيد نوروز في وقت تمر فيه منطقتنا بالكثير من المتغيرات الجذرية العميقة، حيث يواجه شعبنا الكثير من التهديدات والتحديات، وأمامه فرصة كبيرة لم تكن تسنح له من قبل.

ومع أن هجمات الإرهابيين والضغوط الكثيرة علينا من قبل أعداء شعبنا الذين لا يريدون لنا خيراً، كانت من أجل أن يتخلى شعب كوردستان عن التطور والتقدم الذي يسعى من أجله للوصول إلى حقوقه المشروعة العادلة، إلا أن صمود هذا الشعب وتضحيات قوات البيشمركة حطمت مخططات أعداء شعبنا الذي أصبح بدوره مصراً أكثر لنيل حريته وتقرير مصيره.

وبهذه المناسبة أيضا أهنىء إخوتي وأخواتي في الأجزاء الأخرى من كوردستان، وأتمنى لهم السعادة والنصر الدائمين، وأؤيد حل المسالة الكوردية في باقي أجزاء كوردستان عبر الحوار وبالسبل السلمية، وأشعر بالحزن العميق والقلق من تعقيدات الأوضاع السياسية في تركيا، وأتمنى أن تتوقف الحروب ويتوقف سفك الدماء وأن لا تتفاقم الخلافات أكثر لقطع الطريق أمام حدوث كوارث حقيقية من الممكن أن تؤدي إلى حرب قومية لا طائل عليها، ونعتقد بأن الفدرالية لسوريا هي الحل الأنسب والأمثل لمستقبل هذا البلد ولإنجاحه، وهو حل يجب أن تتفق عليه جميع المكونات والأطراف السياسية في سوريا.

وأرى بأنه من الضروري أن أوضح في هذه المناسبة بعض الملاحظات حول الأوضاع العامة بكل صراحة.

حول الأزمة السياسية في الإقليم وموضوع الرئاسة، بذلنا كل ما بوسعنا لحلها مع الأحزاب السياسية وطرحنا الكثير من الحلول وتحدثنا حولها بشكل مفصل، وهم لم يقرروا إنتخاب رئيس للإقليم أو إختيار أية شخصية مناسبة لإرتياد هذا المنصب ولم يقرروا حتى إبقاء الوضع على ما هو عليه لمراعاة ما نمر به في الوقت الحالي ريثما يحين موعد إجراء الإنتخابات عام 2017م، ومتابعة العمل لتسيير الأمور ومعالجة مشاكل الناس، فللأسف لم يستطيعوا معالجة الأزمة والوضع بشكل عام، بل ولم يكن للبعض مهمة أخرى سوى إلقاء التهم وتعميق المشاكل، وعندما وصلت الأمور إلى هذا النحو، فبالتأكيد لن تبقى لإتهاماتهم أو لتصرفاتهم أية أهمية.

إنني مازلت أؤكد على موقفي حول إيجاد حل للوضع بإتفاق الأحزاب على واحدة من ثلاثة خيارات: إما إجراء إنتخابات عامة لرئاسة الإقليم، أو الإتفاق على شغل المنصب من قبل شخص آخر، أو الإتفاق على بقاء الوضع على ما هو عليه حتى موعد إجراء الإنتخابات القادمة وإنهاء هذه المسالة.

وحول الوضع السياسي في الإقليم، فقد تم تجاوز التوافق الذي إتفقنا عليه في تشكيل الحكومة والبرلمان في الثالث والعشرين من حزيران من العام الماضي، وأعتقد أن تفعيل البرلمان بإنتخاب هيئة رئاسية جديدة وحكومة جديدة هو الحل الأنسب لما نمر به في الوقت الحالي.

وحول الأزمة المالية، فإن سببها الرئيسي هو قطع حصة الإقليم من الموازنة العامة الإتحادية، وأيضا أعباء تكاليف الحرب التي نخوضها ضد الإرهاب، بالإضافة إلى إيواء الإقليم لمئات الآلاف من اللاجئين والنازحين وإنخفاض أسعار النفط ووجود تقصير في الإدارة من قبل مؤسساتنا الحكومية، وبهذا الصدد أقدم شكري وتقديري لشعب كوردستان نظرا لتحمله وصموده، وأؤكد من جديد بأن هذه الأزمة هي أزمة مؤقتة وبإذن الله وبالإعتماد على شعبنا ستنتهي وسنتجاوز هذه الأزمة.

وسيساعد مشروع الإصلاح الذي أعلنا عنه قبل فترة على تجاوز هذه الأزمة المالية وتحقيق العدالة، وقد جرى العمل بشكل جدي حول هذا المشروع وستظهر نتائجه قريباً، ويتوجب علينا في الفترة المقبلة أن ننظر للأزمة المالية كفرصة للإعتماد على قدراتنا المحلية وعلى رأس المال المحلي، وإيجاد وسائل أخرى لتوفير العائدات ومراجعة الأخطاء وتصحيحها وتقوية وتمتين النظام الإداري، والعمل على بناء بلد منتج يكون دوماً في خدمة مواطنيه ولتحقيق العدالة لشعبنا.

وإنني متفائل جداً وعندي أمل كبير لإنهاء الأزمة الإقتصادية والخروج منها ونجاح العملية الإصلاحية ولن تستطيع أية أزمات أو عوائق أن تعترض سبيل عملية الإصلاح، وإنّ من يقف ضد هذه الإصلاحات لأية حجة كانت أو لأي سبب كان وبغرض إحباط الشعب، سيرى النتائج قريباً.

ياجماهير كوردستان العظيمة ..

منذ بداية تأسيس الدولة العراقية وحتى عام 2003م، بُنيت هذه الدولة على أساس الشراكة بين الكورد والعرب، وكان نصيب شعب كوردستان من هذه الشراكة الجينوسايد والأنفال والقصف بالأسلحة الكيمياوية والتعريب ومحاولة صهر شعب كوردستان وتدمير أكثر من أربعة آلاف وخمسمئة قرية في كوردستان وإستخدام ثرواتها ضد شعبها.

وبعد إنتفاضة عام 1991م، وفي سبيل فتح صفحة جديدة، أبدى شعب كوردستان الكثير من المرونة ولم يجنح إلى الأخذ بالثأر من الآخرين، ومن أجل إنهاء معاناة شعبنا وللإطلاع على مصير عشرات الآلاف من مجهولي المصير والمؤنفلين، زرنا بغداد عدة مرات متمثلين بالجبهة الكوردستانية وبأكثر من وفد، والتقينا بقاتلي شعبنا ومجرمي البعث، ولم يأخذ من كانوا على رأس السلطة في بغداد هذه الرسالة الراقية من قبل شعب كوردستان وإستمروا في تجاوزاتهم وإجرامهم.

وبعد عام 2003م، شرع من عاشوا على أكتاف شعب كوردستان إلى قطع أرزاقه، وما زلنا نسأل حتى الآن: كيف منحوا لأنفهسم الحق في قطع أرزاق شعب كوردستان؟ لما أداروا ظهورهم للوعود والإتفاقات التي وقعوها؟

وأود أن أقولها بكل صراحة، إن المشكلة الأساسية في هذا البلد، هي العقلية والثقافة السائدة التي تقطع أوصال التعايش ولا تسمح بتعزيزه، ولا تلتزم بالدستور ولا تقبل الشراكة الحقيقية مع شعبنا.

وفي ظل هذه الظروف، يجب علينا أن لا نخدع أنفسنا أكثر، حيث أمامنا طريقان علينا إختيار أحدهما، إما أن نتنازل عن كل شيء ونتناسى ونهمل تضحياتنا ونضالنا الذي سرنا عليه لمدة مئة عام، أو أن تتغير طبيعة العلاقة والوضع مع بغداد.

إن إستمرار هذا الوضع كما هو عليه الآن لا يخدم مصلحة أي منا، لإننا بعد كل هذه التضحيات لا يمكن أن نقبل بأن نكون توابع، ولا نقبل بثقافة تعالي أصحاب السلطة في بغداد الذين لا يقبلون بشراكتنا.

ولكي نبتعد عن الحروب والمشاكل، ولنستطيع حماية أنفسنا وتطوير حياتنا، يجب أن يكون قرار مصيرنا بأيدينا، حيث لم يعد شعبنا يحتمل كوارث ومشاكل أخرى، بل من حقنا أن نعيش بسلام وعلى جميع الأطراف والجيران أن يتفهموا مطالبنا والآلام والمشاكل التي مررنا بها.

إن مطلب الإستقلال لشعب كوردستان، هو مطلب سلمي بحت، ولا يشكل أي خطر على أحد، ونؤكد دوماً على ضرورة الوصول إلى هذه النتيجة مع بغداد عبر التفاهم والحوار بعيداً عن العنف والحروب التي لن تفيد أي طرف.

ولهذا السبب، وقبل إجراء الإستفتاء سنبدأ حواراً جاداً وحقيقياً وصريحاً مع بغداد للتوصل إلى حل للمشاكل وللإتفاق على شكل العلاقات بين الجانبين.

وفيما يخص المترددين في داخل كوردستان والمشككين بحق الشعب الكوردي بالإستقلال، فلا حل ولا إستراتيجية لديهم سوى تخريب وزعزعة الإستقرار لدى هذا الشعب ويقفون مع الجبهة الرافضة لإستقلال شعب كوردستان، ومن يقول بأن الوقت لم يحن بعد لإتخاذ هذا القرار، لن ينال فخر هذا المكسب ولم ولن يكونوا في موقع المسؤولية في أي ظرف كان.

إن إرادة شعب كوردستان هي أعلى وأسمى من أية إرادة، وإن قضية هذا الشعب قضية عادلة وتستحق منا التضحية بأكبر وأغلى ما نملك، لأن هذا الشعب قدم تضحيات لا تعد ولا تحصى من أجل حريته.

نوروزكم مبارك وسعيد وأتمنى لكم السعادة والفرح.



مسعود بارزاني

رئيس إقليم كوردستان

2016/3/20

احدث الأخبار

الحصول على اتصال معنا

اهم الأخبار

حالت های رنگی