نص كلمة السيد نيجيرفان بارزاني خلال الإجتماع الموسع مع الوزراء والنواب الكورد في بغداد والوزراء وأعضاء برلمان كوردستان

  • الثلاثاء, 28 كانون2 2014

صباح الخير..


 

 أيها السادة الغاية من إجتماع اليوم هي بالدرجة الأولى لإطلاعكم على سير الحوار والتفاوض بيننا وبين بغداد ومسائل الموازنة العامة وتصدير النفط . ولقاؤنا اليوم هو ليس مجرد ندوة بل هو إجتماع لإطلاع حضراتكم على هذه المسألة المهمة التي تتعلق بنا جميعاً.

 

فقد إرتاينا هنا في رئاسة مجلس وزراء الإقليم أن تكونوا على بينة من الحقائق لان أجهزة الإعلام في بغداد قد تبث أنباء هي بعيدة كل البعد عن الحقائق وسيوافيكم السادة د. آشتي هورامي وبقية الخبراء تفاصيلها الرقمية الدقيقة غير أن علي أن أسرد لكم بعض تفاصيل حوارنا مع بغداد في كلمتي هذه فأهلاً بكم .

 

وأضاف نيجيرفان بارزاني: ستحل علينا بعد شهور معدودات ذكرى مرور (11) عاماً على سقوط نظام البعث وقيادته، وكانت الشعوب العراقية قبل ذلك تحلم بأن يسود الأمن والإستقرار والحرية في إقليم كوردستان وسائر العراق، وكانت مكافأة شعب كوردستان وتضحياته وراء أن يحقق الإقليم قسماً من أحلامنا تلك، فمن الطبيعي لدى غالبية شعوب العالم أن يتخذوا قراراتهم بأنفسهم وبكل حرية وتوفير خدماتهم المعيشية اليومية الأساسية، وقد قدم شعب كوردستان تضحيات جسيمة على طريق تحقيق هذه الطموحات الأعتيادية المشروعة، وقد حققنا ما نالته شعوب العالم بشكل طبيعي، بنضال طويل وعصيب وشهد الإقليم على مدى السنوات الأخيرة تحولات كبرى وقد شاركنا عموم الشعب العراقي في التصويت للدستور العراقي الدائم والذي مازلنا ملتزمين به ونعمل على وفقه الى جانب تصويتنا للبرلمان العراقي الأتحادي (مجلس النواب) وبرلمان كوردستان العراق، وقدمت حكومة الإقليم برنامج عملها أمام البرلمان ونالت عنه ثقة شعب كوردستان عن طريق ممثليه، ووضعت بمنتهى الأخلاص خطة إقتصادية لبلادها وسعت لممارستها وتنفيذها، ولان أمن إقليم كوردستان وأستقراره حجر الأساس لتطور إقتصاده، فأن هذا الأنتعاش ولحسن الحظ، يكاد يكون جزءاً من الحياة اليومية لمواطني الإقليم.

 


 فكثيراً ما لانلاحظ تلك التحولات الكبرى أو ننساها ومنها: مسائل الماء والكهرباء والطرق والجسور والإعمار والصحة والأسكان والتربية والمطارات الدولية في أربيل والسليمانية وفي دهوك تحت الإنشاء وممثلياتنا في الخارج ونشاطاتنا الإقتصادية هذه كلها هي في تزايد وتوسع مستمر وأن كثيراً من جوانب الحياة المزدهرة لدينا قد جعلت الأجانب من تجار ودبلوماسيين وسياح وصحفيين وغيرهم يوجهون لنا أسئلتهم بشأن سر نجاحنا في تغيير الوضع المعيشي لمواطنينا نحو الافضل خلال مثل هذه المدة المحدودة، فالمعلوم لديكم أننا نعيش وسط منطقة حافلة بالمشكلات وقد بذل ممثلو كوردستان سواء في الإقليم أم في بغداد، قصارى مساعيهم خلال السنوات السبع أو الثماني الأخيرة لتنفيذ عدد من المواد الدستورية الضامنة لتوفير مستقبل مشرق لمواطني إقليم كوردستان وتخص أحدى أهم مواد الدستور مسألة النفط والغاز ثم أصدرت حكومة الإقليم في أطار الدستور العراقي قانون النفط والغاز للإقليم ورفعته لبرلمان كوردستان الذي صادق عليه بدوره بعد مناقشات علنية عبر قنوات الأعلام وهو في الواقع قانون شعب كوردستان لان ممثليه قد صوتوا له، والذين هم أنعكاس لجميع المكونات الكوردستانية.

 


هنا لابد من تذكير وسرد تأريخي لهذه المسألة، فقد أجرينا حواراً مسهباً مع الحكومة الأتحادية على مدى أكثر من سنة بهدف اقرار قانون النفط  والغاز العراقي ومن ثم قانون تقاسم الأيرادات عن طريق مجلس النواب العراقي وإتفقنا في حينه على مسودة عمل وقانون سلمتها شخصياً لرئيس الوزراء الأتحادي السيد نوري المالكي في بغداد في شهر شباط من عام 2007 يومها كان الأمل يحدونا في أن نتوصل معاً الى نتيجة جيدة لصالح الشعب العراقي جميعاً، إلا أن مساعينا الخيرة، ومع الأسف، لم تتمخض عن نتائج مشجعة وطالت العملية وكنا عازفين بالفعل عن فقد وخسارة الحياة السياسية والإنعاش الإقتصادي في إقليم كوردستان، وكان شعبنا بالمثل متعطشاً لتحولات جدية وكبيرة وسريعة وأتفقنا مع حكومة المالكي على أنه في حال عدم توصلنا الى أتفاق منصف خلال مرحلة معينة فأن لكل طرف الحرية في ممارسة سياسته النفطية في أطار الدستور العراقي (تفاصيل الأتفاق معروضة أمام حضراتكم في هذا الإجتماع).

 

وعلى أساس ذلك الإتفاق فقد رفعت حكومة إقليم كوردستان مسودة قانون النفط والغاز في الإقليم الى برلمان كوردستان العراق وصدر منه القانون، ومنذ ذلك اليوم وسياستنا النفطية ملتزمة بالكامل بذلك الإتفاق ولم تخرج عنه إطلاقاً فمنذ (8) سنوات من الآن لم يكن أحد منا أو من الخبراء يدرك كميات الأحتياطي  الكوردستاني من النفط والغاز وقلة منا فقط كان التخيل يراودهم بأن يدخل الإقليم خريطة العالم عندما يجري الحديث عن الطاقة وكان كل منا ينتظر أن يتحقق حلمه في تحول العلاقات مع تركيا من التهديد العسكري الى تعاون في مجالات الطاقة والغاز والتجارة أو يجرؤ على الحلم بأتفاق الشركات الأجنبية بصورة مباشرة مع حكومة إقليم كوردستان وقد توافدت على الإقليم منذ ذلك الحين أكثر من 50 شركة نفطية من (23) دولة ودخلت فيه سوق الطاقة وكان شعبنا بصدق بانتظار التحول الكبير الذي نعيشه اليوم فقد كان، قبل 22 عاماً من الآن، يفر من بطش النظام البائد الى الدول المجاورة فيما نقوم اليوم بأيواء عوائل الهاربين من جحيم الإرهاب الى الإقليم وكان أبناء كوردستان يعبرون الحدود قبل سنوات قليلة لتأمين معيشتهم هناك فيما يتوافد اليوم المستثمرون والتجار على إقليمنا من الخارج، فنحن نؤمن وهم معنا بمستقبل هذا البلد فلولا مباشرتنا بالعمل في مجال إستخراج النفط في عام 2007 لكان من المستحيل علينا القول الآن بكل إعتزاز بأننا سنزيد إنتاج النفط ونؤمن ايراداته لعموم العراق أو أننا لا ننتظر فقط الإيرادات من الحكومة الإتحادية بل نتطلع الى تزايد ايرادات العراق وأضافة حصتنا منها الى  الخزينة الإتحادية..

 

لقد ابدى المرحوم أسماعيل بك رواندوزي في عام 1930 ملاحظة في غاية الأهمية.
 وقال: بالأمكان أستخدام الأيرادات النفطية الضخمة للعراق وعن طريق الحكومة لمساعدتنا بدلاً عن أندلاع الحروب في جبالنا وإعتماد معاداة الكورد، ولا تنسوا أن غالبية الحقول النفطية متركزة في كوردستان أي أن لنا بعض الحق في الإستفادة من ايراداته.

 

ومع ذلك فقد كانت كامل حصتنا منها هي عبارة عن القنابل والاسلحة والمآسي، لقد أتفقت الشعوب العراقية في عام 2005 على آلية كان الراحل أسماعيل بك رواندوزي وأجياله يحلمون بها، وذلك بتقاسم ايرادات النفط والغاز بشكل سلمي ومنصف لتأمين مستقبل وضاء لإقليم كوردستان وعموم العراق وسيكون منتهى مساعينا العمل منذ الآن ومستقبلاً هو تطوير الإقليم والعراق في إطار الدستور الدائم والسلم الإجتماعي والتنمية الإقتصادية والحياة الهانئة للجميع وابداء الخدمات المناسبة مع مرحلتنا الراهنة.

 

لابد أيها الأخوة من أن يكثر أعداء أي شعب يطالب بحقوقه المشروعة لانه لا يمكن أن يتحقق أي طموح دستوري من تلقاء نفسه وقد قضينا السنوات الثماني الماضية من أجل تأمين الحقوق الدستورية للإقليم وسنواصل مساعينا هذه في السنوات والعقود القادمة، وهي مسألة وطنية وقومية وستراتيجية تعاملنا معها بوعي وإيمان منذ البداية وهي مسألة توازي مرحلة كتابة الدستور دقة وصعوبة وحساسية، ونتفهم جيداً أنها مسألة تتطلب طول صبر وأناة والسعي لتنفيذها بكل جدية.

 

وستكونون خلال بعض الوقت في صورة تفاصيلها إلا أن ما أرغب في إستعراضه لكم باختصار شديد هو أن بامكاننا اليوم إنتاج النفط في إقليم كوردستان وقد أكملنا استعداداتنا لتصديره الى تركيا والذي لم نبع منه حتى الأن برميلاً واحداً، ورغبتنا صادقة في التوصل مع بغداد الى حل بهذا الشأن، وأن ما تعرضه بغداد من حل هو بكل أختصار (أن نتحمل دور الحمال والمنفذ وننتج لهم النفط ليقوموا ببيعه كما يشاءون ويحولوا ايراداته الى الخزينة الإتحادية وأستخدام تلك الأيرادات متى ما شاءوا كورقة ضغط وبطاقة حمراء ضد إقليم كوردستان: وسنقطع عنكم الموازنة ونزودكم بها في بعض الأحيان.

 

وقد أبلغنا بغداد في زيارتنا الأخيرة بكل صراحة عزوفنا وعدم رغبتنا في الأستماع الى هذا التهديد بأي شكل كان في قطع موازنة الإقليم لأن ذلك ليس في مصلحة إقليم كوردستان ولا في مصلحة العراق بصورة عامة فنحن عند مانطلب وندعو الى صياغة آلية بذلك إنما نتطلع الى الأطمئنان وضمان عدم تجدد تهديداتكم هذه للإقليم الأن أومستقبلاً لأن وجود هذه البطاقة الحمراء لديكم إنما يعني أنكم قد تستخدمونها في يوم ما ولا نرغب ولا نقبل أن يكون هذا النهج لغة الحوار بين الإقليم وبغداد وقلنا لهم أن ما كنتم تمنونه علينا من المحروقات في أنها من منتجات نفط الجنوب أو خارج الإقليم فأننا نتمكن اليوم من إنتاج النفط وتصديره الى الخارج وزيادة الموازنة الأتحادية العراقية.

 

فنحن نشارككم اليوم في هذه الزيادة ويتلخص خلافنا معهم بشأن قولهم لنا: سلموا النفط الى شركة سومو وهي التي تبيعه وتحوله الى الموازنة وتزود الإقليم بقسم منها في بغداد وليس لكم غير ذلك من شيء، بينما نقول لهم بصراحة نحن موافقون على مشاركة سومو معنا في عمليات تصدير النفط وفي الوقوف على كمية المبيعات منه على وفق المقاييس المعتمدة وفي تحويل العطاءات النفطية أيضاً لأنهم يدعون بأننا في الإقليم ننوي بيع النفط بأسعار متدنية فيما نعمل على أداء ذلك على وفق العطاءات والمعايير الدولية ومستعدون لأن يشاركونا في هذا الجانب أيضاً، ونطالب في النهاية بأعتماد آلية منصفة تتم بموجبها اعادة ايرادات النفط الى الإقليم من دون إستخدامها كورقة ضغط علينا كلما ارادوا ومتى ما شاءوا فهذه اللغة في التهديد غير مقبولة لدينا إطلاقاً، وقد قدم الجانب الأتحادي، في إجتماعنا الأخير ببغداد عدة مقترحات وقرارنا أن نقوم بدراستها وهي على العموم مقترحات لم تأت بجديد بل هي مستنبطة من عقلية مركزية متسلطة وهو نهج لا نقبله أزاء حقوقنا المشروعة في الإقليم.. 

 

هنا أيها الأخوة أطلب مساندتكم ومن حقكم توجيه أي سؤال ترتأونه بشأن هذه العملية غير أننا بحاجة حقيقية لأجماع وطني أزاءها
فهذه المرحلة لا تقل صعوبة عن تلك التي تمت فيها كتابة الدستور التي كلفت القيادة السياسية الكوردستانية آنذاك لقاءات وإجتماعات لا تحصى على مدى عدة شهور فنحن اليوم أمام حق دستوري مشروع لايمكن أن نتنازل عنه أو تسليمه بهذه السهولة الى الأطراف الأخرى. 

 

نعم نحن نتطلع وراغبون في التوصل الى حل معقول مع بغداد وقد أقدم الطرف الآخر على تقديم بعض التحولات ومنها أن نتسلم المبالغ مباشرة ولكن السائد أنهم يوافقون عليها من جهة ويسيطرون عليها من جهة أخرى والمتبع في كل الأنظمة الفدرالية أن تسلم الموازنة للأقاليم كمنحة عندها تقوم الفدراليات وعن طريق برلماناتها بتوزيعها على وفق أولوياتها ومستلزماتها لا أن تعبر سلسلة من الأجراءات بين الحكومة الأتحادية وحكومات الأقاليم أو أن تحدد هي جميع تفاصيلها بشكل جدي من تعيينات ومشاريع وغيرها وأن ما تمارسه بغداد معنا هو نظام يتم التعامل على وفقه مع أية محافظة عراقية..

 

وشكراً ..

 

 

 

 

Read کد خبر: 331

احدث الأخبار

الحصول على اتصال معنا

اهم الأخبار

حالت های رنگی